اختتمت الخميس في بغداد القمة العربية الثالثة والعشرون بحضور عشرة رؤساء فقط من بين 22 رئيسا، وهي القمة الأولى بعد ثورات الربيع العربي. وكما كان متوقعا، لم يتضمن البيان الختامي للقمة -الذي سمي "إعلان بغداد"- أي قرارات هامة جديدة حيال أبرز الملفات المعروضة امام المؤتمر كالملف الفلسطيني والملف السوري.قراءة في قرارات قمة بغداد 797f2c39-8327-4d82-97f7-6bd0325dfb2b

ففي الملف الأول، أكدت قمة بغداد ضرورة التوصل إلى حل عادل للصراع العربي الإسرائيلي على أساس الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، فيما شددت -من بين عدة بنود في الشأن السوري- على دعمها القوي لمهمة المبعوث الأممي العربي كوفي أنان لإطلاق حوار سياسي بين الحكومة والمعارضة السورية.

وكان من المفترض -حسب أستاذ الإعلام الدولي في جامعة بغداد كاظم المقدادي- أن تكون قرارات القمة قوية وبمستوى الاستعدادات التي اتخذها العراق لهذا الحدث الكبير، وبمستوى هذا البلد الذي احتضن قمتين سابقتين اتخذت أولهما عام 1978 قرارات هامة من بينها نقل مقر جامعة الدول العربية من القاهرة إلى تونس، في أعقاب توقيع مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل.

قمة تقليدية
ورأى المقدادي أن صيغة البيان الختامي لم تخرج عما سماه الإطار التقليدي الذي تعودت عليه القمم السابقة، مشيرا إلى أنه إذا حذفت التواريخ من هذه البيانات فإنه ليس بالإمكان التفريق بينها، لاسيما فيما يتعلق بالملف الفلسطيني.

وحول الملف السوري، رأى المقدادي أن قرار القمة بهذا الشأن كان متوازنا، وهو أقرب للنموذج اليمني منه إلى النموذج الليبي، كما أنه لا يطالب بتنحي الرئيس بشار الأسد ، لكن هناك إدانة قوية لكل مظاهر العنف لاسيما ذلك الصادر من النظام السوري.

أما رئيس تحرير صحيفة "الصباح الجديد" العراقية إسماعيل زاير فرأى أن إعلان بغداد يتميز بمحورين أساسيين، الأول أنه قرّب مشروع الجامعة العربية بشأن الملف السوري من المبادرة الأممية خصوصا في وضع النظام السوري في موضع المحاسبة الدولية، ووضع آليات تنسجم مع البنود العربية والدولية قابلة للتفاوض مع النظام السوري، وقابلة لتحميل المسؤولية للطرف الذي لا ينصاع للمبادرة.

ومن بين الملفات الأخرى المهمة في إعلان بغداد -كما يرى زاير- الملف الفلسطيني الذي شغل حيزا كبيرا وتم فيه التأكيد على الثوابت العربية بهذا الشأن، وكذلك بند حقوق الإنسان والحديث عن محكمة عربية بهذا الخصوص، فضلا عن البند المتعلق بالبرلمان العربي والذي المؤمل أن يرفع الأعباء عن كاهل المؤسسات الوطنية.
اختزال البنود
ولعل أبرز ما ميز قمة بغداد -حسب المحلل السياسي الكويتي سامي النصف- هو أنها اختزلت بنود البيان الختامي إلى تسعة بنود، على عكس القمم السابقة التي كانت تضم من 40 إلى 50 بندا تنتهي بعدم تطبيق أي منها. وأشار إلى أن اختزال بنود القمة سيجعلها قابلة للتطبيق.
وعن اعتبار بعض المراقبين أن قرارات القمة الخاصة بالملف السوري جاءت دون الطموح، رأى النصف "أن هذه القرارات كانت متوازنة، الهدف منها وقف نزيف الدماء، وهذا الأمر مرتبط بالنظام السوري. فإذا ذهبت لهذا النظام بقرار غير متوازن وقلت له أريد عزلك، فإنه لن يستجيب لك".

وأشار النصف إلى أن قمة بغداد تمثل بداية لعمل عربي جديد بقيادات عربية جديدة، واتسمت بخطب مختزلة وفيها الكثير من الموضوعية، على عكس القمم السابقة التي كانت مليئة بالخطب الرنانة.

وأكد أن الربيع العربي كان له دور في ذلك لأنه قدم دماء جديدة ورؤساء مثقفين مثل الرئيس التونسي منصف المرزوقي، كما وفرت القمة رؤساء يمثلون نبض الشارع، فسمعنا نتيجة لذلك حديثا عن كرامة الإنسان العربي وقضايا حقوق الشباب والمرأة، وهي قضايا جديدة لم تكن القمم السابقة تتطرق إليها.

وخلص النصف إلى أن "اتخاذ القادة العرب قرارات أكثر موضوعية أفضل ألف مرة من قرارات لا تعدو أكثر من مانشيتات للصحف تنتهي مع انطفاء أضواء القمة".