.:: فخري الزبيدي ::.
الموطن: العراق تاريخ الميلاد: 1925 تاريخ الوفاة: 14 ابريل 1999
ولد فخري رسول الزبيدي عام 1925 ببغداد في محلة الحيدرخانة ، لاسرة نزحت من الكوت الى الحلة فبغداد ، تخرج في معهد الفنون الجميلة عام 1947-1948 فرع المسرح ،وبسبب متطلبات الحياة ولكي يحقق لنفسه استقلالا اقتصاديا فقد عمل موظفا في امانة العاصمة . ثم تدرج في وظيفته ، وعندما ارادت الامانة فتح مركز للاطفاء في مدينة الكاظمية عام 1956 كان الزبيدي اول ضابط اطفاء فيها ، ويذكر المرحوم ابراهيم شندل المشهور بابراهيم اطفائية ، وهو اول عراقي يتولى ادارة الاطفاء في بغداد يوم كانت هذه الدائرة احدى دوائر امانة العاصمة ، انه سعى الى تعيين فخري الزبيدي في هذه الوظيفة ، غبر ان فخري كثيرا ما كان ينقطع عن العمل ، وعندما كان يبحث عنه يجده مع صديق له يدعى ناظم الغزالي ، وهو ايضا احد موظفي الامانة ، وهما يتدربان على مسرحية او تمثيلية لفرقة الزبانية .
اسس فخري الزبيدي (فرقة الزبانية) عام 1947 مع مجموعة من الفنانين الهواة انذاك امثال حميد المحل وحامد الطرقجي وناظم الغزالي ومحمود قطان باشراف الفنان ناجي الراوي . واشتهرت الفرقة بما قدمته من اعمال مسرحية اذاعية في اواخر الاربعينيات ، لاسيما برنامج الجيش العراقي الذي كان يبث صبيحة كل يوم جمعة . كما شاركت الفرقة مع الوفد الفني الكبير الي قدم للجيش العراقي في الاردن عام 1948 العديد من الاعمال الفنية والترفيهية . وقد مثل الزبيدي في اغلب ادواره الشاب الفكه والمشاكس !.
وقد ذكر الزبيدي مرارا انه هو الذي اكتشف ناظم الغزالي مطربا ، عندما كان الاخير يغني من مقام الركباني في احدى المسرحيات ... لقد بقي الزبيدي عاشقا للتمثيل منذ بواكير حياته ، ولعل مشاركته في اول فلم عراقي مصري مشترك عام 1946 ، وهو فلم (القاهرة بغداد) من الشواهد الاولى لهذا العشق . ثم مثل بطولة اول فلم عراقي انتجته مصلحة السينما والمسرح عام 1967 وهو فلم (شايف خير) من اخراج الفنان محمد شكري جميل ، كما اخرج ومثل اول مسرحية انتجتها المصلحة للفرقة القومية وهي مسرحية (وحيدة)في السنة التالية ويجمل ذكره ان جماعة ادبية اطلقت على نفسها جماعة الزبانية في الوقت نفسه الي برزت فيه فرقة الزبانية الفنية ، وضمت تلك الجماعة التي اتخذت من مجلة (الوادي) لسانا لها عدد من الادباء والصحفيين امثال خالد الدرة وحافظ جميل وعباس بغدادي وسواهم .بقي فخري الزبيدي موظفا في امانة العاصمة الى تقاعده في اوائل الثمانينيات . وفي اثناء عمله هذا عمل على تاسيس المتحف البغدادي عام 1970 على عهد امين العاصمة اسماعيل محمد ، بعد انقلاب تموز 1958 قررت امانة العاصمة ان تنشىء دائرة مختصة بالعلاقات والاعمال الصحفية ، وعين فخري الزبيدي مسؤولا عنها بدرجة ملاحظ ارشاد . فشارك لاول مرة في التلفزيون ممثلا عن امانة العاصمة في برنامج (اسبوع النظافة) الذي تشرف عليه وزارة الصحة ، ولم يدري الزبيدي ان هذا البرنامج فاتحة لنشاطه التلفزيوني الي اشتهر بين الناس ، اذ اعجب به بعض مسؤولي التلفزيون يومذاك ، فطلبوا منه تقديم بعض البرامج المنوعة ، فاقترح عليهم تقديم برنامج مسابقات ثقافية وترفيهية باسم ( صندوق السعادة ) ، وهكذا ظهر البرنامج الذي اخرجه فالح الصوفي الى الناس واشتهر كثيرا بين مختلف طبقات الشعب العراقي ولم ينافسه أي من برامج التلفزيون الاخرى . استمر صندوق السعادة الى احتجابه عام 1963 ويذكر الزبيدي انه تقاضى اول اجر عن البرنامج وكان خمسة دنانير عن ثلاث ساعات هي فترة عرض البرنامج .
وفي الاذاعة فقد دخلها عن طريق كتابة التمثيليات الاذاعية الساخرة والتوجيهية ثم البرنامج الترفيهي عن القوات المسلحة الذي كان يقدم صباح كل يوم جمعة ويتقاضى عنه دينارا ونصف !!
وفي عام 1970 ، اتفقت دائرة الاذاعة والتلفزيون مع فخري الزبيدي على احياء برنامج (صندوق السعادة) ، باسم جديد هو (شايف خير) ، فقدم واستقطب الكثير من المشاهدين لبراعة الزبيدي وسرعة البديهة لديه ... لكن البرنامج لم يعمر طويلا ، وكان اخر العهد بالزبيدي مع التلفزيون ولم يظهر الا بعد سنوات في لقاء معه .
وبعد احالته الى التقاعد ، قرر الزبيدي انجاز ما كان يطمح اليه من مشاريع ثقافية ، ومنها الكتابات التاريخية عن بغداد ،وقد بدأ نشر بعض من هذا في مجلة (امانة العاصمة) في اواخر السبعينيات ، وهو مقدمته التاريخية عن الخدمات البلدية في بغداد منذ تاسيس الدوائر البلدية الى تطور امانة العاصمة . وقد ذكر انه بذل جهودا كبيرة في التحري والاستقصاء والبحث عما سماه (الضائع والمجهول) من تراث بغداد. وفي عام 1985 اخبرني ان كتابه الكبير عن بغداد هوموسوعة باخبارها ، واكد لي انه بدأ يوم 20 كانون الاول 1982 بجمع الوثائق والاخبار عن المراحل التي قطعتها امانة بغداد منذ تاسيسها في عهد الوالي مدحت باشا حته يومها هذا . وباشر بتقصي الحقائق والمعلومات عنها من الكتب التاريخية ومن الصحف والمجلات القديمة والحديثة والاضابير والملفات والتقارير الرسمية ، علاوة على ماسمعه من افواه المعمرين من ذكريات .
ومن وحي ذلك انجز كتابة عدد من المسرحيات التاريخية، منها المسرحية التي اخرجها الفنان مقداد مسلم (صايرة ودايرة في بغداد عام 1885) . وصدر له كتاب (هرون الرشيد ) والجزء الاول من كتابه (بغداد من سنة 1900 الى سنة 1934، الجامع من المفيد والظريف )
في السنوات الاخيرة من حياته ، اصطلحت عليه الامراض المختلفة ، وكان يعاني كثيرا من الالام الحادة لامراض المفاصل . وكنت وانا التقي به عند مكتبة السيد نعيم الشطري في شارع المتنبي ، احرضه على انجاز كتابه الكبير عن بغداد وقال انه في سبعة اجزاء ( اين هي الان ؟) ، وان له كتابا عن الكلمات الدخيلة في اللهجة البغدادية ، وعمل درامي واسع عن الفنان الكبير ناظم الغزالي .
وفي ربيع عام 1999 رحل الفنان والكاتب فخري الزبيدي عن الدنيا ، بعد مسيرة طويلة في الفن تاركا من خلالها ارثا فنيا كبيرا .